أزمة الكهرباء العراقية الحالية وعلاقتها بسقوط نظام الأسد في سوريا.

ضياء أبو معارج الدراجي
ربما علينا كمراقبين للوضع العراقي من النواحي جميعها أن نتحدث أحيانا ببعض الخطوط العريضة، ونتجاوز بعضها ليفهم المتابع ما يدور من حوله حتى يقف بالموقف الصحيح، ويدعم الجهة التي تصب في الصالح العام للشعب العراقي.
إن ما حدث في سوريا بعد سقوط الأسد أدى إلى تقسيمها إلى مناطق سيطرة لنفوذ كردية (قسد) مدعومة أمريكا فيها الثروة النفطية والغازية السورية الأعظم، بينما تقع باقي المناطق السورية الفقيرة تحت سيطرة الجولاني المدعوم تركيا وقطريا، والتي كانت سابقا تحت حكم الأسد المدعوم إيرانيا وعراقيا حيث كانت تلك المناطق الفقيرة نفطيا تعتمد على الإمدادات الإيرانية والعراقية النفطية في تسير أمورها تحت حكم الأسد.
بعد سقوط الأسد قطعت إيران النفط عن سوريا، بينما بقي العراق يضخ النفط إليها بطلب أمريكي تركي قطري، حتى تستمر الحياة النفطية في مناطق حكم الجولاني، ولا يتذمر الشعب السوري هناك، وتحافظ أمريكا على حقول النفط عند حليفتها قسد الكردية من أي أطماع جولانية تركية قطرية.
مع استمرار العراق بتزويد الجولاني بالنفط وتعزيز سيطرته هناك قامت الجمهورية الإيرانية بقطع إمدادات الغاز والكهرباء عن العراق بعذر الصيانة والديون المتراكمة السابقة، وهذا العمل أدى إلى انهيار المنظومة الكهربائية بالكامل في عموم العراق، وهذا الانهيار الكهربائي هو فرصة ذهبية لعملاء السفارة الأمريكية وحلفائهم من البعثية و البعثلوكية و البعثدونية و البعثرهابية للخروج ضد الحكومة العراقية وتهيج الشعب ضدها في تظاهرات قد تسقطها نهائيا مع انتفاضة عشائرية غربية مسلحة مساندة لها كما داعش ٢٠١٤. لكن الأوامر الأمريكية صدرت لهم بالتريث خوفا من قطع النفط العراقي عن سوريا الجولاني، والتي قد تسبب بانهيار المنظومة النفطية الجولانية في مناطق سيطرة تركيا وقطر في سوريا، والتي قد تؤدي إلى تحرك عسكري جولاني مدعوم تركيا وقطريا نحو الأراضي الغنية بالنفط والغاز التي تسيطر عليها قسد الكردية بحماية معسكرات القوات الأمريكية الموجودة هناك، وينشب صراع عسكري حول المنطقة الغنية يسقط فيه الكثير من القتلى، ويسبب الكثير من الدمار، والذي لا ترغب فيه أمريكا؛ لأنها لن تسيطر على الأزمات التي سوف تحدث في سوريا والعراق معا، وقد تخسر فيه العراق لصالح إيران والمقاومة، وتخسر مناطق نفوذ قسد لصالح تركيا وقطر.
لذلك أوعزت لعملائها في الداخل العراقي بالسكوت عن أزمة الكهرباء العراقية لاستمرار ضخ النفط العراقي للجولاني مع إطلاق يد الحكومة العراقية بالتواصل مع القطريين من أجل الغاز القطري، وفشلت المحاولة لعدم توفر منصة غازية على الساحل العراقي لتحويل الغاز السائل إلى غاز صلب، حتى يصبح صالحاً لتشغيل المحطات العراقية لكذلك سعت الحكومة العراقية للحصول على الغاز السعودي والكهرباء السعودية، والتي فشلت أيضا في الحصول عليها لعدم توافق الغاز السعودي مع المحطات العراقية وكذلك نوعية الكهرباء السعودية التي لا تتوافق مع متطلبات الأجهزة الكهربائية العراقية لاختلاف الذبذبة بينهما. فما كان من الحكومة العراقية إلا أن تعود للجمهورية الإيرانية بإعادة ضخ الغاز لإنهاء الأزمة العراقية التي وافقت بشرط عدم دعم الإرهابي الجولاني بالنفط العراقي.
العراق قرر عدم ضخ النفط العراقي إلى سوريا، وبدأت الكهرباء العراقية تعود تدريجيا للعمل بشكل طبيعي بعد عودة ضخ الغاز والكهرباء الإيرانية إلى العراق، بينما الوضع السوري سوف يتفجر خلال الأشهر القادمة عند نفاذ مخزونات النفط والغاز في مناطق الجولاني المدعوم تركيا وقطريا ونشوب الصراع القطري التركي من جهة والأمريكي الإسرائيلي من جهة أخرى حول مناطق الثروات النفطية في سوريا.
وطبعا أمريكا لم تسكت عن هذه الخطوة العراقية، حيث أوعزت إلى ذيولها بالدعوة إلى تظاهرات لإسقاط الحكومة العراقية، ربما تنطلق هذه التظاهرات في العشرين من شباط عام ٢٠٢٥ باسم تنسيقية شباب العراق، والتي نشرت منشورات على موقع خاص بها تهدد بإعدام كل من يعترض على تلك التظاهرات، أو يكتب ضدها، أو يعترض طريقها من القوات الأمنية وطبعا قياداتها معروفة للجميع، والتي أخرجت رؤوسها من جحورها في العراق بعد سقوط الأسد في سوريا ظنا منها أن محور المقاومة والحشد الشعبي قد انكسر بعد سقوط سوريا وإحداث الجنوب اللبناني.
ضياء أبو معارج الدراجي
اترك تعليقاً