
عضو الهيئة الادارية لمؤسسة نارام سين للحوار الاستاذ حسام الحاج حسين
العراق بين الدكتاتورية و الديمقراطية المشوهة .
إن المرور السريع والقسري والعنيف من الأنتقال بين مرحلة الدكتاتورية الى الديمقرااطية المشروطة والمشوهة ، هذا الحدث التاريخي والاستثنائي في تاريخ العراق بعد عام ٢٠٠٠٣ م ترك الإحساس العميق بالمرارة والخيبة والإحباط،لم تكن العملية هينة أو اعتباطية. فليس سهلا السقوط من أعلى قمة في الحلم الاجتماعي المشروع والدخول في منطق المقارنة بين ما قبل الأحتلال وبعده.
لذلك فإن أول سؤال يتبادر الى الأذهان و يستحق الطرح هو لماذا انتقلنا من طور البهجة بسقوط الطاغيةً إلى المرارة .؟ ومن حالة الأمل إلى حالة الإحباط ؟
ولماذا دارت عجلة الفساد والتخلف والتدهور الاقتصادي والاجتماعي والعنف الطائفي وتكديس الأموال وبناء هياكل ميليشاوية تهيمن على السلطة والسلاح على نحو أصبح فيه البعض سرا وجهرا يشعر بالحنين إلى ما قبل الإحتلال ؟؟
كان من الممكن أن يتم التأسيس لنظام سياسي ديمقراطي وصحي وتقديم أنموذج ناجح ومشجع وذلك بالنظر إلى أن عملية البناء هي بداية جديدة قامت على أنقاض التضحيات والظلم والدكتاتورية المزمنة لأكثر من نصف قرن تقريبا و لاسيما أن مواطن الثغرات فيه واضحة وجلية .
أن اول الخطوات في مسار الفشل والتدمير كان اقصاء الكفاءات والنخب والمثقفين .
وارتفاع منسوب سياسة التشهير وضرب السلطة والتشفي الرخيص . اظافة الى التوظيف السياسي لأرشيف الظلم بحق المكونات العراقية للمزايدة السياسية .
وإن الترويكا الحاكمة في العراق أخفقت في تبني خطاب سياسي يقوم على مبدأ المصالحة مع الذات . لذلك ارتبط وجودهم السياسي أو تاريخ وصولهم إلى الحكم بمحاولات تقسيم الشعب آيديولوجياً وسياسياً مما يعني أن الأحزاب المؤسسة للنظام السياسي في زمن الأحتلال جميعها معا تتحمل هذه الفشل والأحباط .
وايضا في ظل التغيير نجد من المؤسف أن تضم النخبة السياسية الحاكمة في العراق بين صفوفها أشخاصا هم مرضى ماضيهم وذاكراتهم وأوجاعهم ومركباتهم. فهؤلاء هم عثرة حقيقية أمام البناء والتقدم وبعضهم مثل البعوض ينقل الأمراض من مكان الى أخر .
وحيث جاءت الديمقراطية المشروطة في ظل تشويش في الوعي السياسي للنخب العراقية ، فالنخب لم تكن مهيأة لقبول الديمقراطية بوعي حقيقي ، ونجح نظام البعث الصدامي بإشغالها في الحرب الأيديولوجية عن متطلبات التغيير والديمقراطية، وصار البحث هنا عن حليف يوافق المكونات السياسية ايدولوجيتها وفكرها، هو الهدف الأسمى بعد التغيير
وقد أظهرت التفاعلات العرقية والطائفية السياسية الفشل لجميع النخب السياسية في العراق ولهذا تجاوزالتغيير من الدكتاتورية الى الديمقراطية المشوهة سقف الجميع، والغريب أن النخب حاولت ركوب الموجة بسرعة، ولكن بدون وعي ثوري، ومن هنا، فشل الجميع بلا استثناء ..!
مؤسسة نارام سين للحوار والتنمية المجتمعية
اترك تعليقاً