
لكل منا فلسفته الخاصة
لبعض عبدة الزعامات بمختلف المسميات
أنا لاأنفخ السوداني
أنا أدعم كل رئيس وزراء بوصفه خادما للشعب، وليس قديسا، أو إلها، وحين يغادر أنساه
هادي جلو مرعي
عند الساعة السادسة فجرا وقفت السيارة (الأوبل ستيشن) ونزل منها صديقي قاسم، وكان كرشه الجميل متدليا قليلا، وكنت أنتظر مجيئه طوال الليل الذي لم أنم منه إلا القليل، أبلغت قاسم إن هناك معلومات وصلتني من أصدقاء تشير الى نية مجموعة مسلحة تصفيتي بحجة إنني من أتباع المالكي، والمؤيدين له، والنافخين في موقده، بقيت في الكرادة لفترة إنتقلت بعدها الى طهران لأيام، وحضرت مباراة بين منتخب إيران الذي كان يدربه الأسطورة الإيرانية علي دائي، والإمارات الذي كان يدربه الفرنسي الراحل ميتسو الذي قاد نادي العين للظفر ببطولة آسيا، وتوفي بالسرطان. وكانت المباراة لحساب التصفيات المؤهلة لكأس العالم، وإنتهت بالتعادل السلبي.
مرت الأيام، وكلما جاء رئيس وزراء إتهمني العديد إنني أنفخ فيه، وأتملق له ، وهم من صنف الحمقى الذين يرون الناس كما يرون أنفسهم لأنهم عبيد لهذا الزعيم، أو لذاك، ولايفهمون لفرط العبودية السياسية والدينية التي تعودها الناس عندنا منذ عقود طويلة أن هناك حرية فردية، وأن هناك من يكره الإنتماء والولاء، ويراقب الأحداث والأشياء، ويمدح في موضع المدح، ويذم في موضع الذم، ويمارس مهنته بإحتراف، ولايعترف بالولاءات والإنتماءات، ولايجد في هذا الكون من هو أفضل منه، كما يرى إنه ليس أفضل من غيره، ويعيش على قاعدة القناعة، وعلاقته بالفاعل السياسي علاقة محترف، لايبالي بالعواطف التافهة، أو بالمصالح الضيقة، ويأنف من التذلل والتملق والدونية التي تطبع غالب البشر ، ويفهم إن الناس ليس بينهم نبي، ولامنهم فيلسوف ليظن خيرا بسلوك، أو بقول، بل يشتمون ويتنابزون، وهم طائفيون يتغطون بالوطنية، وحاقدون على بعضهم البعض، ولكنهم يظهرون الحنية والإنسانية، ولو تملكوا الأمور لفعلوا الأفاعيل، وداسوا على بعضهم بالبساطيل.
كصحفي ومواطن عاش أحقر تجارب العراق وأقذرها منذ نهاية السبعينيات، وأيام الحرب والحصار والدكتاتورية والفساد والطائفية والإحتلال والتدخلات الخارجية والعبودية للزعامات والتذلل للخارج والعمل كوكلاء أنظر بثقة محدودة لكل رئيس وزراء ليس بوصفه قديسا ولانبيا، بل كخادم للشعب له ماله، وعليه ماعليه من إلتزامات تنفيذية، وينبغي دعمه ليؤدي تلك الواجبات، وهناك جهات رقابية وتشريعية هي المسؤولة عن المحاسبة، فإذا إرتكب جرما، أو فسادا، أو تجاوزا فالمحاسبة من الجهات المسؤولة عن المحاسبة، وليس من الناس الذين يثرثرون، ولا من بعض مقدمي البرامج وضيوفهم الذين يتعاركون على الهواء، ويضحكون في الخفاء، ويعملون على الحصول على المكاسب والمغانم، ويمارسون الإبتزاز بأبشع أشكاله ليحصلوا على المال مقابل السكوت عن فساد وإنحطاط هذا، أو ذاك.. هناك عمل، وهناك حرفة، وهناك وظيفة، وهناك حاجة، ولكن لاينبغي أن نشتغل في التأجيج والتسقيط والولاء لهذا وذاك.. وأنا أشفق على بعض العبيد الذين يعملون كمنتمين للأحزاب حين يحاربون عن زعاماتهم، وعن إنتماءاتهم لكي يعيشوا، وهم في سرهم ربما يندبون حظهم العاثر…
نعم لكل رئيس وزراء يخدم الناس. أدعمه وأسانده لكي يعمل ويعمل ويخدم فقط فهو ليس قديسا وسيغادر منصبه كما غادره من سبق، وكل رئيس وزراء ندعمه ليس إنتظارا لمكرمة، فنحن نعمل ونعمل ونكسب قوتنا كما ينبغي، ولكن لابد من الهدوء والتعقل ودعم جهد الدولة. وكل رئيس وزراء سيأتي نحن معه بمقدار شغله وعمله في خدمة الناس، وليس أكثر…
اترك تعليقاً