كتب عبد الهادي مهودر عن وكالة الأنباء العراقية(واع)

كتب عبد الهادي مهودر عن وكالة الأنباء العراقية(واع)
الإعدامات كخبر صحفي
التعددية الاعلامية في العراق التي أخذت اشكالا متعددة تعد أهم مكسب ولعل قطاع الاعلام أعاد بناء نفسه بنفسه قبل ان تعيد الدولة نفسها بعد تفككها عام ٢٠٠٣ ، لكن الدولة التي يتحدث فيها الجميع يجب ان يكون لها صوت يمثلها دون ان يكتم بقية الأصوات أو يحد من حريتها ويقلل من فرصها ، ولابد من مصدر معتمد كوكالة انباء تمثلها وتنقل المواقف الرسمية والحكومية والحدث العراقي بعين مهنية لاسياسية ويكون مرجعا خبريا حين تتضارب الأخبار وتلتبس الأمور ..
وفي ظل هذه التعددية السياسية والاعلامية كيف ومن أين يؤخذ الموقف الرسمي العراقي وتطورات الاحداث السياسية والامنية ؟!
مادعاني لطرح هذا التساؤل والكتابة فيه هو (خبر الاعدامات ) الذي نسب لرئاسة الجمهورية وتلاقفته وكالات الانباء العالمية كخبر رسمي عراقي يكشف عن تنفيذ حملة اعدامات بوجبة كبيرة من المدانين بالارهاب تزامنا مع تفجيرات ساحة الطيران وسط بغداد الخميس الماضي، وحين أردت التأكد من دقته وتفاصيله وجدت الخبر اليقين لدى وكالة الأنباء العراقية واع في هذا التصريح الذي اقتبس منه هذا المقطع الحاسم :
(وبشأن صدور 340 مرسوماً بالإعدام أوضح الحديدي، أن” العدد الذي أعلنه المصدر المسؤول في رئاسة الجمهورية كان يتضمن مجموع ما صدر من مراسيم أحكام الإعدام في مراحل الدورات السابقة لرئاسة الجمهورية والحالية”) ، أي ان خبر الاعدامات هو جرد شامل لقرارات سابقة وليست حالية إلا اذا تم صدور مراسيم في السنوات القليلة الأخيرة وهو مالم يكشف التصريح عن عددها ، لكن اصداء هذا الخبر الحارق الخارق عبرت الحدود بسرعة وطافت داخل البلاد بين مرحب ومستنكر دون تحري وتأكد من المعلومة والفترة الزمنية المقصودة ، والأكثر خطورة ان الخبر بلغ بلا شك مسامع منظمات حقوق الانسان والعفو الدولية وربما تجري اتصالاتها للتأكد او تتهيأ دون تأكد لإصدار بيان تنديد في غير محله والسبب هو الإلتباس الحاصل في تداول هذا الخبر وشيوعه والبناء عليه والاعتقاد بأنه استجابة لمطالب سياسية وردة فعل انتقامية ،ودون ان تجده في موقع رسمي معتمد .
وفي تمثيل الخبر الرسمي للدولة مشكلة ليست سهلة ووكالة الانباء العراقية واع ،التي اعيد العمل بها ضمن شبكة الاعلام العراقي ،تسعى للقيام بهذا الدور لكنها ليست الوحيدة كما كان عهدها قبل حلها ضمن وزارة الاعلام فالساحة مليئة بالمصادر والوكالات الاخبارية والتصريحات والمنصات السياسية والاعلامية والشخصية الموازية والمؤثرة ، وفي مشهدنا الاعلامي تتسابق وكالات الأنباء العراقية فيما بينها على الخبر والمعلومة والسبق الصحفي وخطف الأضواء وهي على هذا الطريق المشروع على الرغم من قلة الامكانات والمصاعب وغلق الهواتف والانتقائية والتفضيل الذي تواجهه في عملها اليومي ، وواقع الحال ان (واع) عادت من جديد وسط أجواء سياسية واعلامية مختلفة تماما ووجدت منافسة حامية من وكالات انباء عراقية وفضائيات سبقتها في الحضور الاعلامي وكونت لها موثوقية واسماء كبيرة وجمهور وعلاقات ،لكن السؤال الأهم هو مَن مِن كل هذه المنصات الإخبارية المعتمد لدى الدول والحكومات والمنظمات الدولية لتعرف حقيقة الموقف العراقي ؟ أم ان عليها أن تجري اتصالاتها وتأخذ الاخبار من الكل وتتابع تصريحات الناطقين وتحللها لتفهم قصتنا الحقيقية ؟
واذا قلنا لابد من مصدر رسمي يمثل الدولة العراقية أسوة ببقية دول العالم ، فالعراق سباق في تأسيس وكالة الأنباء العراقية واع واذاعة بغداد وتلفزيون العراق .. والوكالة التي عادت أخيرا رغم العديد من الممانعات التي اعتبرها عودة للاعلام المركزي امامها فرصة للعب هذا الدور ولتعزيز الثقة والمصداقية لماتمتلكه من امكانات ومؤهلات وتاريخ وشبكة محررين وعلاقات واسعة مع مؤسسات الدولة والاجهزة الحكومية بالشكل الذي لاتملكه وكالات الأنباء الأخرى ، وسعيها يستحق التشجيع من أجل تحقيق مصلحة عامة تتعلق بوجه الدولة وجانب مهم من الاعلام الخارجي المهم المفقود .
ويبقى التحدي قائما لأن الوكالة الرسمية لاتتسابق مع غيرها بالمرونة نفسها المتاحة للاعلام غير الرسمي ولأن خطأها مكلف وواقع عملها لايناسبه السرعة في النشر لكن التحقق من الخبر يوفر لها فرصة لتحقيق المصداقية المنشودة ، وكثرة التحوطات ووجود حراس بوابات يحميها من الوقوع في الخطأ والزلل الوارد في العمل الصحفي، ويكفي ان يكون لدى (واع) الخبر الصادق الأكيد والموثوق والمعتمد حتى لو جاء متأخرا بعض الوقت ، والجيد في الموضوع وجود اصوات متعددة ووجود صوت رسمي او شبه رسمي يحسم نزاع القوم بالشكل الذي حسمته واع.
اترك تعليقاً