*القرم. .حاضنة يهودية أخرى*

بقلم: كاظم فنجان الحمامي
يعيش اليهود في شبه جزيرة القرم منذ زمن بعيد، وينقسمون إلى مجموعتين:-
– الكريمتشاك (Krymchaks) ، الذين اتبعوا اليهودية الحاخامية. .
– القراؤون (Karaites)، الذين رفضوا التلمود. .
لكن الثابت لدينا أنها فُتحت لاستيطانهم عام 1783، لكي يشكلوا عقبة بوجه التمدد العثماني في البحر الأسود. فتحولت شيئاً فشيئاً إلى ملاذ لليهود المغامرين الباحثين عن حدود جديدة. آخذين بعين الاعتبار ان مساحتها (27,000 كم²) أكبر من مساحة إسرائيل (22,145 كم²). فتوافد عليها الآلاف. وارتبطت بالتاريخ اليهودي الروسي، لدرجة أن النشطاء اليهود في سانت بطرسبرغ أشاروا إلى الإرث الطويل ليهود القرم كحجة لقيام دولتهم هناك، فزعموا ان أجدادهم عاشوا فيها لفترات أطول من الروس. بل زعموا أيضاً أنهم استقروا فيها قبل زمن يسوع المسيح، ثم قاموا بحفر النقوش التمويهية على شواهد قبورهم لإثبات مزاعمهم. ثم انساق معظمهم وراء الاحلام الصهيونية، وتحولت ضواحيها في القرن التاسع عشر الى ساحات لتدريب الوافدين الجدد، الذين مارسوا التقنيات الزراعية هناك قبل الانتقال إلى فلسطين. .
وفي أوائل العشرينات من القرن الماضي، تحولت أنظار الحكومة السوفيتية مرة أخرى نحو شبه الجزيرة. وأبدت قلقها من نشاطات التتار والأوكرانيين والألمان الذين كانوا يسكنون هناك ويرفضون الشيوعية، وكان المسؤولون في موسكو يخططون لكسب ولاء اليهود من خلال منحهم الأراضي، ووعدوهم بالحكم الذاتي. ثم نضجت فكرة إعادة توطين اليهود الأوربيين في المنطقة، فانتهز الكرملين هذه الفرصة، وأبدى موافقته عام 1923 على مقترح يقضي بإنشاء منطقة حكم ذاتي يهودية في شبه جزيرة القرم، لكن الكرملين نفسه تراجع عن هذا المشروع بعد بضعة أشهر. .
وشهدت المدة من 1924 إلى 1938 دعماً ملحوظاً للمزارع والأحياء اليهودية. وظل حلم بناء دولتهم قائماً حتى الغزو النازي للاتحاد السوفيتي عام 1941. فهرب معظمهم نحو الشرق. .
وفي عام 1944 خرج الجيش الألماني من شبه الجزيرة. فأمر ستالين بترحيل حوالي 180.000 من التتار انتقاما لتعاونهم المزعوم مع الألمان. بعد ذلك بوقت قصير، عاد عشرات الآلاف من اليهود إلى القرم. .
في خضم هذه الظروف ناقش وزير الخارجية السوفيتي (مولوتوف) مع بعض الحاخامات فكرة إنشاء وطن لليهود في القرم. وكان متعاطفاً معهم، سيما ان زوجته (بولينا) يهودية من جنوب أوكرانيا. لكن ستالين لم يكن مقتنعا تماماً بالفكرة، فشن هجومه على يهود بلاده. ثم جاء قرار الأمم المتحدة بإقامة دولة إسرائيل عام 1947، ليجعل إقامة دولة لليهود في القرم غير ضروري، فتزايدت شكوك ستالين بالنوايا اليهودية. وباشر بحملته ضدهم ليلة 12 كانون الثاني 1948. وأتهم 15 من كبارهم بالتآمر مع الولايات المتحدة لتأسيس جمهورية يهودية في شبه جزيرة القرم. .
وفي ليلة 12 آب 1952، التي عُرفت بليلة الشعراء المقتولين، جرت عملية إعدام 13 من المتهمين، وبعد ذلك بعامين، حسم الكرملين مصير القرم، عندما نقلها إلى إدارة الجمهورية السوفياتية الأوكرانية. .
وفي أوائل عام 2014، أصبحت القرم محوراً لأخطر أزمة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة، حيث قامت القوات الروسية بالاستيلاء عليها. .
ختاماً نذكر ان تعداد اليهود فيها يصل اليوم إلى حوالي 17000 يعيشون في شبه الجزيرة ويحلمون باقامة دولتهم هناك. .
اترك تعليقاً