أوزبكستان-الإمارات العربية المتحدة: التطوير العملي لعلاقات الثقة المتبادلة والتعاون والصداقة

إبرهيم عبد الرحمنوف
وزير الزراعة بجمهورية أوزبكستان.
ومن الصعب أن نتصور تطوراً اقتصادياً في أي بلد في العالم لا يحظى فيه القطاع الزراعي باهتمام خاص. بعد كل شيء، يعتمد مستوى رفاهية المواطنين في كل بلد على درجة تطور الزراعة. فقط من خلال تطوير القطاع الزراعي يتم إنتاج المنتجات الضرورية للحياة والمفيدة لصحة سكان البلاد، ويتم تحسين نظام معالجتها. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه يساعد على زيادة عدد فرص العمل لسكان الريف في المناطق النائية.
لذلك، في أوزبكستان، يتم إيلاء اهتمام خاص لتطوير القطاع الزراعي، وإدخال تجارب البلدان المتقدمة على نطاق واسع، والإنجازات العلمية والابتكارات في هذا المجال.
وعلى وجه الخصوص، تم اعتماد مرسوم رئيس جمهورية أوزبكستان بتاريخ 23 أكتوبر 2019 رقم UP-5853 “بشأن الموافقة على استراتيجية التنمية الزراعية لجمهورية أوزبكستان للفترة 2020 – 2030″، والذي حدد 9 مجالات ذات أولوية للزراعة تطوير.
واستنادا إلى هذه المجالات ذات الأولوية، يجري تنفيذ عدد من الأنشطة من أجل التنمية المستمرة للقطاع الزراعي، والإدخال الواسع النطاق للخبرة المتقدمة والتكنولوجيات الزراعية في البلدان المتقدمة، فضلا عن الإنجازات العلمية في مجال الزراعة. وفي الوقت نفسه، تتسم علاقات التعاون المقامة في المقام الأول مع البلدان المتقدمة بأهمية خاصة.
يقوم فخامة رئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرزيوييف، بناء على دعوة من رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بزيارة رسمية إلى هذا البلد خلال الفترة من 13 إلى 16 يناير. وفي الحديث عن التعاون بين جمهورية أوزبكستان ودولة الإمارات العربية المتحدة في القطاع الزراعي، تجدر الإشارة إلى أن أوزبكستان ودول الشرق الأوسط، بما فيها دولة الإمارات العربية المتحدة، توحدهم الرغبة في تحقيق الأهداف المشتركة، والقرب الجغرافي، كما وكذلك القرابة الثقافية والروحية.
إن العالم الحديث يشهد كيف نجحت أوزبكستان، بفضل سياستها العملية، في إقامة تعاون وثيق مع كل من الغرب والشرق. ويلعب التفاعل مع دولة الإمارات العربية المتحدة دورًا خاصًا في هذه العملية، التي تحتل موقعًا رئيسيًا في منطقة الشرق الأوسط. إن الحوار بين قادة البلدين، المبني على الثقة والصداقة المتبادلة، يسهم في التطوير الشامل للعلاقات وتنفيذ الزيارات المهمة، والتي تكون الزيارة القادمة بمثابة تأكيد واضح على ذلك.
لقد أصبحت دولة الإمارات أحد الشركاء الرئيسيين لأوزبكستان في المنطقة، وهو ما تؤكده الأحداث المهمة، مثل الذكرى الثلاثين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا، والتي سيتم الاحتفال بها في أكتوبر 2022. واليوم، تتعزز العلاقات بين طشقند وأبو ظبي بسرعة، على أساس مبادئ الثقة المتبادلة ومراعاة المصالح. ومنذ عام 2017، انتقلت هذه العلاقات إلى مستوى نوعي جديد، يسهّله الحوار السياسي النشط على أعلى المستويات.
وفي العام الماضي بلغ حجم التبادل التجاري بين أوزبكستان والإمارات العربية المتحدة 30.5 مليون دولار. ومن هذا المبلغ تم تصدير 19.3 مليون دولار من أوزبكستان إلى الإمارات، حيث تشغل الفواكه والخضروات والمنتجات الغذائية الجاهزة الحصة الأكبر. وفي الوقت نفسه بلغت الواردات من الإمارات 11.2 مليون دولار. وفي القطاع الزراعي، تواصل العلاقات بين البلدين تعزيزها بسرعة، مما يخلق فرصا متبادلة المنفعة لكلا الجانبين.
ومن المهم أن نلاحظ أن مثل هذه الإنجازات لا تحدث من تلقاء نفسها. وتقوم دولة الإمارات العربية المتحدة بمساعدة أوزبكستان بشكل فعال في تطوير مختلف المجالات، بما في ذلك اختيار وتقييم الكفاءات المهنية لموظفي الخدمة المدنية، فضلاً عن إدخال الأساليب التعليمية والمبتكرة المتقدمة. ويلعب رئيس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة وأمير دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، دوراً مهماً في هذه العملية. إن علاقة الثقة والصداقة الخاصة بين بلدينا هي نتيجة لخطوات هادفة وعملية تهدف إلى تعزيز التعاون.
ولابد من التأكيد على أن قمة أسبوع التنمية المستدامة التي تعقد سنوياً في دبي، أصبحت حدثاً رئيسياً يشكل مؤشراً على مدى فعالية التفاعل في مختلف المجالات والصناعات. وحظي هذا الحدث بتقدير كبير من المجتمع الدولي، مما يؤكد أهميته على المستوى العالمي. وإذا نظرنا إلى مثال القطاع الزراعي، فإن الدعوات التي أطلقتها القمة على مدى السنوات الثلاث الماضية تظهر بوضوح الحاجة إلى العمل المشترك لضمان مستقبل آمن للبشرية ووجودها المستدام على كوكبنا. ومن الواضح أن الزراعة التقليدية لم تعد قادرة على تلبية المتطلبات والاحتياجات المتزايدة لسكان العالم بشكل كامل. ومن المشجع أن قمة دبي أصبحت منصة مهمة لمناقشة هذه التحديات العالمية وإيجاد الحلول لها.
وليس من قبيل الصدفة أن تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة جاهدة إلى تطوير التعاون مع أوزبكستان في مجال الزراعة إلى جانب مجالات أخرى. وتبدي العديد من الشركات العربية اهتماماً بتصنيع المنتجات الزراعية المزروعة في أوزبكستان، ومن ثم تصديرها ليس فقط إلى الإمارات العربية المتحدة، بل إلى الأسواق العالمية أيضاً. وفي هذا السياق، لا شك أن الزيارة الحالية لرئيس أوزبكستان إلى دولة الإمارات ستشكل خطوة مهمة ستنقل التعاون بين البلدين، المبني على الثقة المتبادلة، إلى مستوى نوعي جديد.
ومن المقرر أيضًا، كجزء من هذه الزيارة، توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الزراعة في جمهورية أوزبكستان ووزارة التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وتهدف الوثيقة إلى تعزيز التعاون في مجال الزراعة والأمن الغذائي.
وبطبيعة الحال، في القطاع الزراعي بين البلدين هناك العديد من الفرص غير المحققة لتطوير التعاون. وفي الوقت الحالي، يناقش الممثلون المسؤولون عن القطاع الزراعي في أوزبكستان والإمارات العربية المتحدة بنشاط التنفيذ المشترك لمختلف المشاريع. منها: تنظيم إنتاج المنتجات الغذائية والحلويات بالتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وتصدير منتجات الخضروات الطازجة المزروعة في أوزبكستان إلى الإمارات، وكذلك إقامة المعرض الدولي “أسبوع الأمن الغذائي” في أوزبكستان.
ولأول مرة، اعتمدت أوزبكستان برنامجا وطنيا لتكييف الزراعة مع تغير المناخ والحد من آثاره السلبية. ولتنفيذه ودعم مصنعي المنتجات، تم جمع أكثر من 160 مليون دولار من المنظمات المالية الأجنبية.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم في سنة 2024، إطلاق 343 مشروعا جديدا في المناطق القروية تهدف إلى تطوير الصناعة الغذائية، فضلا عن تحسين البنية التحتية لتخزين وتسويق المنتوجات الفلاحية.
من بين أكثر من 4.3 ألف نوع من النباتات التي تنمو في الظروف الطبيعية وتتكيف مع الظروف المناخية في أوزبكستان، هناك حوالي 750 نوعاً منها علاجية. من بينها، تم تسجيل 112 نوعًا للاستخدام في الطب العلمي، و70 نوعًا تستخدم بنشاط في صناعة الأدوية.
ومع أخذ ذلك في الاعتبار، في الزراعة في أوزبكستان، يتم إيلاء اهتمام خاص لزراعة النباتات الطبية. وفي هذا المجال، يتم إحراز تقدم كبير في مجال وقاية النباتات والاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية وتنظيم المزارع الثقافية ومعالجة المواد الخام.
وبطبيعة الحال، كان أحد أكبر الأحداث في القطاع الزراعي في أوزبكستان في عام 2024 هو المؤتمر العالمي الثامن لبحوث القطن، الذي عقد لأول مرة في طشقند في الفترة من 3 إلى 7 أكتوبر. وفي إطار هذا المؤتمر المرموق، الذي جمع علماء وخبراء من البلدان المشاركة بنشاط في زراعة القطن، تم تناول موضوعات رئيسية مثل أنظمة زراعة المحاصيل في سياق تغير المناخ العالمي، وبيئة المعالجة الكيميائية ضد الحشرات، بالإضافة إلى قضايا تتعلق بالزراعة. ونوقشت الروبوتات والذكاء الاصطناعي في الإنتاج الزراعي على نطاق واسع.
وفي سياق التهديد الحقيقي المتمثل في تغير المناخ العالمي، من المهم للغاية العمل بشكل مشترك على حل المشكلات التي تهدف إلى زيادة إنتاج القطن وتطوير إنتاج البذور واختيار القطن. وتبادل العلماء في مجال زراعة القطن، خلال المؤتمر الذي عقد في طشقند، الخبرات وناقشوا سبل تحسين جودة الألياف وزيادة إنتاجية هذا المحصول الزراعي الهام.
وفي عام 2025، من المخطط توسيع المناطق التي تشغلها أصناف نباتات التكنولوجيا الحيوية المحلية المقاومة للجفاف والملوحة والذبول، وذلك باستخدام تقنيات تربية متقدمة تعتمد على أساليب استئصال الجينات وطرق الواسمات.
وبطبيعة الحال، من أجل التطوير الفعال للصناعة الزراعية وتحقيق إنتاجية عالية، من المهم للغاية تقديم أحدث إنجازات العلوم والتكنولوجيا، فضلا عن التطورات المبتكرة. وفي ظل التقدم السريع الذي تشهده التقنيات الرقمية التي تغطي كافة قطاعات اقتصاد الجمهورية، لا يمكن للقطاع الزراعي أن يبقى بمعزل عن هذه التغيرات.
في السنوات الأخيرة، تم تنفيذ عدد من الإصلاحات في الصناعة الزراعية بهدف إنشاء مجموعات صناعية زراعية، ودعم أنشطتها ومواصلة تحسينها. ونتيجة لهذه الإصلاحات، تعمل حاليا 671 مجموعة صناعية زراعية، مما فتح فرصا جديدة للمعالجة العميقة وتخزين وبيع المنتجات المنتجة في إطارها.
ولا يزال أحد المجالات ذات الأولوية في الزراعة هو ضمان الأمن الغذائي للسكان، وخلق بيئة أعمال زراعية مواتية وسلاسل القيمة، وزيادة جاذبية الاستثمار في هذا القطاع، فضلا عن تنمية المناطق الريفية.
باختصار، نظراً للإمكانات الاستثمارية الواسعة التي تتمتع بها دولة الإمارات العربية المتحدة، فضلاً عن تجربتها في تنفيذ المشاريع الاستثمارية الكبيرة التي تهدف إلى التنفيذ الفعال للتقنيات المتقدمة وتشكيل اقتصاد متنوع ومستدام، فإن التعاون بين بلدينا يتطور في العديد من المجالات. المجالات الرئيسية. إن الشراكة الوثيقة مع مثل هذا البلد تفتح فرصًا جديدة لأوزبكستان في القطاع الزراعي.
اترك تعليقاً